اطـــــــــــــــــــلال

اطـــــــــــــــــــلال

صوروغرائب.شعر.اسلامیات.همسات
اطـــــــــــــــــــلال

اطـــــــــــــــــــلال

صوروغرائب.شعر.اسلامیات.همسات

من هو اکثر الانبیاء صبراً


صبر آدم على مفارقة الوطن الأول من الجنة، وصبر نوح على فقد الولد، وصبر إبراهیم على مقام ذبح الابن، وصبر یعقوب على فراق یوسف، وصبر موسى على أذى الطاغیة، وصبر داود على مـــــرارة الندم، وصبر سلیمان على فتــنة الدنیا، وصبر عیسى على ألم الفقر، وأما رسولنا صلى الله علیه وســــلم فصبر علیها کلها، وعاشـــــها کلها، وذاقها کلــها، ففــــاز بالمقامات کلها، صبر على فــــراق الوطن، ومراتع الفتوة، وملاعب الصـــبا، وربــــوع الشـباب، فترک الأهل والعشـــــیرة، والدار والمال، وصـــبر على فقد الولد، فسالت أرواح أبنائه بین یدیه، وقعقعت أنفسهم أمام ناظریه.

وصبر على ألم الأذى فأوذی فی المنهج والوطن، والسمعة والخُلُق، والرسالة والزوجة.

وصبر على شماتة العدو، وتنکر الصدیق، وعقوق القریب، ونیل الحـــــاسد، وتشفی الحاقد، وتألب الخصــوم، وتکالُبِ الأحزاب، وتکاثر المنــاوئین، وصولة الباطل، وقلة الناصر، وصبر على شظف العیــــش، وجفـــاف الفقر، ومضض الحاجة، وقــلة ذات الید، وجـــدب النفـــقة، وعوز المعیشة، وحـــرارة الجــــــوع، ومرارة الفاقة.
وصبر على غلبة الخصم، وقتل القریب، وأسر الحبیب، وتشرید الأصحاب، والتنکیل بالأتباع، والجراح فی البدن، وفزع التهدید والوعید، وقعقــــعة الغارات، وأهوال الغزوات.

وصبر على بطر الأغنیاء، وزهو الکبراء، وشراسة الأدعیاء، وجلافة الأعراب، وصلف الجهلة، وسوء أدب الجفاة.

وصبر على خیانات الیهود، ومراوغة المنافقین، ومجابهة المشرکین، وبطء استجابة المدعوّین.


صبر وهو یرى الکنوز تفرّغ فی أوعیة الناس فلم یأخذ منها درهماً واحداً.

وصبر وهو یشاهد القناطیر المقنطرة من الذهب والفضة یتقـــاسمها النــاس ولم یحمل منها قطمیراً.
ثم صبر على فرح الفتح، وسرور الانتصار، وجلبة إقبال الدنیا، وإذعان الملوک، واستسلام الجبابرة، ودخول الناس فی دین الله أفواجاً.

صبر وهو یحوز قطعان الإبل والبقر والغنم کالآکام، ثم یوزعها على مسلمة الفتح، ولم یظفر بجمل أو بقرة أو شاة وصبر على سکنى بیت الطین، وعلى أکل الشعیر، وعلى افتراش الحصیر، وعلى رکوب الحمار، وعلى لباس الصوف.

الأب مات ولم یره، والأم توفیت ولم تتم رضاعه، والجد فــــارق الدنیا ولم یحطه برعایة، والعـــم ذهب وقت النضال، وخدیجة ودّعت یوم الحزن، والابن ســــالت روحه یـــــوم تمام الحــــب، وعائشـــة تُرمى ساعة کمال الأنس، وحمزة یُقتل زمن المصاولة.

أنِسَ بالمدینة فنغَّص علیه المنافقون أُنسَه، استبشر بالنصر فی بدر فأسرعت إلیه غصة الألم فی أُحد، أزهر وجهه کالقمر لیلة البدر فشجَّ بالسِّهام. وتلألأت أسنانه کالبرد فکسرت ثنیتُه فی المعرکة، سبقت ناقته الإبل فسبقها أعرابی على قعود، لیبقى أجره فی الآخرة موفوراً، وسعیُه عند ربِّه مشکوراً. ولیلقى ربَّه مسروراً، لیجتمع له الثواب کله، أوَّله وآخِرُه، قدیمه وحدیثه، فی مقعد صدق عند ملیک مقتدر.

واستحق ذلک لأنه صبر فله الزلفى، وتمــــام الرفعة، والوسیلة، والفضـــیلة. والمنــــازل الجلــیلة، لأنه صبر.

وله المقام المحمود، والحوض المورود، واللواء المعقود، لأنه صبر. وله الشفاعة، والخطاب، والقرب، والحظوة، لأنه صبر.

کذبوه،شـــــتموه، سبوه، آذوه، فنـزل ( اصبر على ما یقولون ).
حاربوه، نازلوه، طاردوه، قاتلوه، فنـزل ( واصبر وما صبرک إلا بالله ).
هجــروه، وأعرضوا عنه، وصدُّوا عن سبیله، ووقفوا فی طریقه، فنـزل ( فاصبر
صبراً جمیلاً ).
طال علیه المدى، ترقّب النصر، کثر العدو، تزاحمت النکبات، فنـزل ( فاصبر کما صبر أُولُوا العزم من الرسل ).
فصبر
صبراً جمیلاً فی کل مقامات العبودیة، صبر فی رضاه وغضبه، وسلمه وحربه، وغناه وفقره، فصار إمام الصابرین، وقدوة الشاکرین.
اللهم ثبِّتنا على سنته، ووفقنا لسیرته، وانصر بنا دعوته
نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد