اطـــــــــــــــــــلال

اطـــــــــــــــــــلال

صوروغرائب.شعر.اسلامیات.همسات
اطـــــــــــــــــــلال

اطـــــــــــــــــــلال

صوروغرائب.شعر.اسلامیات.همسات

فی مرض الأبدان

 وأمّا مرض الأبدان.. فقال تعالى: {لَیْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعْرَجِ حَرَجٌ وََلاَ عَلَى الْمَرِیضِ حَرَجٌ} [الفتح : 17][النور: 61]. وذکر مرض البدن فى الحج والصومِ والوضوء لسرٍّ بدیع یُبیِّن لک عظمة القرآن، والاستغناءَ به لمن فهمه وعَقَله عن سواه، وذلک أن قواعد طِب الأبدان ثلاثة: حِفظُ الصحة، والحِمیةُ عن المؤذى، واستفراغُ المواد الفاسدة. فذکر سبحانه هذه الأصول الثلاثة فى هذه المواضع الثلاثة.


         فقال فى آیة الصوم: {فَمَن کَانَ مِنکُم مَّرِیضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَیَّامٍ أُخَرَ}[البقرة : 184]، فأباح الفِطر للمریض لعذر المرض؛ وللمسافر طلباً لحفظ صِحته وقوته لئلا یُذْهِبهَا الصومُ فى السفر لاجتماع شِدَّةِ الحرکة، وما یُوجبه من التحلیل، وعدم الغذاء الذى یخلف ما تحلَّل؛ فتخورُ القوة وتضعُف، فأباح للمسافر الفِطْرَ حفظاً لصحته وقوته عما یُضعفها.


         وقال فى آیة الحج: {فَمَن کَانَ مِنْکُم مَّرِیضاً أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْیَةٌ مِّن صِیَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُک}[البقرة : 196]، فأباح للمریض، ومَن به أذَىً من رأسه، من قمل، أو حِکَّة، أو غیرهما، أن یحلِق رأسه فى الإحرام استفراغاً لمادة الأبخرة الردیئة التى أوجبت له الأذى فى رأسه باحتقانها تحتَ الشَّعر، فإذا حلق رأسه، تفتحت المسامُ، فخرجت تلک الأبخرة منها، فهذا الاستفراغ یُقاس علیه کُلُّ استفراغ یؤذى انحباسُهُ.


         والأشیاء التى یؤذى انحباسها ومدافعتها عشرة: الدَّمُ إذا هاج، والمنىُّ إذا تبَّیغ، والبولُ، والغائطُ، والریحُ، والقىءُ، والعطاسُ، والنومُ، والجوعُ، والعطشُ. وکل واحد من هذه العشرة یُوجب حبسُه داء من الأدواء بحسبه.


         وقد نبَّه سبحانه باستفراغ أدناها، وهو البخارُ المحتقِن فى الرأس على استفراغ ما هو أصعبُ منه؛ کما هى طریقةُ القرآن التنبیهُ بالأدنى على الأعلى.


         وأما الحِمیة.. فقال تعالى فى آیة الوضوء: {وَإن کُنْتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنکُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاءً فَتَیَمَّمُوْا صَعِیداً طَیِّباً}[النساء : 43][المائدة : 6]، فأباح للمریض العدول عن الماء إلى التراب حِمیةً له أن یُصیبَ جسدَه ما یُؤذیه، وهذا تنبیهٌ على الحِمیة عن کل مؤذٍ له من داخل أو خارج، فقد أرشد سُبحانه  عِباده إلى أُصول الطب، ومجامعِ قواعده، ونحن نذکرُ هَدْى رسول الله صلى الله علیه وسلم فى ذلک، ونبیِّنُ أنَّ هَدْیه فیه أکمل هَدْىٍ.


                  فأمَّا طبُّ القلوب.. فمسلَّم إلى الرُّسلِ صلوات الله وسلامه علیهم، ولا سبیل إلى حصوله إلا من جهتهم وعلى أیدیهم، فإن صلاحَ القلوب أن تکون عارِفة بربِّها، وفاطرِها، وبأسمائه، وصفاته، وأفعاله، وأحکامه، وأن تکون مُؤثِرةً لمرضاته ومحابِّه، متجنِّبةً لمَنَاهیه ومَسَاخطه، ولا صحة لها ولا حیاةَ ألبتةَ إلا بذلک، ولا سبیلَ إلى تلقِّیه إلا من جهة الرُّسل، وما یُظن من حصول صِحَّة القلب بدون اتِّباعهم، فغلط ممن یَظُنُّ ذلک، وإنما ذلک حیاةُ نفسه البهیمیة الشهوانیة، وصِحَّتها وقُوَّتها، وحیاةُ قلبه وصحته، وقوته عن ذلک بمعزل، ومَن لم یمیز بین هذا وهذا، فلیبک على حیاة قلبه، فإنه من الأموات، وعلى نوره، فإنه منغمِسٌ فى بحار الظلمات

نظرات 0 + ارسال نظر
برای نمایش آواتار خود در این وبلاگ در سایت Gravatar.com ثبت نام کنید. (راهنما)
ایمیل شما بعد از ثبت نمایش داده نخواهد شد