أنتَ الوَدیعُ سَحَرتَ الشَّرقَ والعَرَبَا |
فی کلِّ أرض ٍ نشرتَ الفنَّ والطرَبَا |
الأرزُ یبکی، سمَا لبنان ملتهبٌ |
لبنانُ أضحَى بثوبِ الحزنِ مُنتحِبَا |
الحُزنُ خیَّمَ والأجواءُ ناحِبة ٌ |
من بعدِ فقدِکَ أضحَى الکلُّ مُکتئِبَا |
لبنانُ هُزَّ وقد قامَت قیامتهُ |
کأنَّ یومَ التنادی هولهُ اقترَبا |
یومُ الرَّحیل ِ کیوم ِ النشر ِ موقعهُ |
کأنَّ جُرمًا هوَى للأرض ِ مُلتهبَا |
الکلُّ یبکی أبا فادَی ویندبُهُ |
القلبُ ینزفُ ودمعُ العین کم سُکِبَا |
الکلُّ یبکی أبا فادی ویندبُهُ |
فدولة ُ الفنِّ دالتْ فیضُها نضبَا |
الکلُّ یبکی نجیعًا فاضَ مُنسَجمًا |
فدولة ُ الفنِّ زالتْ مَجدُها ذهَبَا |
یا أیُّهَا الطَّودُ یا حَمَّالَ ألویةٍ |
للفنِّ، قد کنتَ صرحًا عانقَ السُّحُبَا |
قد بُحَّ بعدَکَ صوتُ العوُدِ وانتکسَتْ |
أوتارُهُ، صارَ مَغمُومًا وَمُضطربَا |
أنتَ الکنارُ وکم قد کنتَ تطربُنا |
وفی الدُّجَى تنثرُ الأقمارَ |
والشُّهُبا أنتَ الذی فوقَ جفن ِ الشَّمس منزلهُ |
فوقَ المَجَرَّةِ تبقى الدَّهرَ مُنتصِبَا |
مدارسُ الفنِّ والإبداع ِکم سَجَدتْ |
الکلُّ یشهَدُ وفیکَ الکلُّ قد خُلِبَا |
أنتَ الودیعُ منارُ الفنِّ فی وطن ٍ |
غنیتَ للحبِّ والسِّلم الذی سُلِبَا |
ملاعبُ الحُبِّ والآمال ِ شاحبة ٌ |
فیها الشَّقاءُ غرابُ البین ِ قد نعبَا |
غنیتَ لبنانَ جُرحًا کانَ مُلتهبًا |
أشجانهُ هَزَّتِ البلدانَ والعَرَبَا |
غنیتهُ ودموعُ العین ِ نازفة ٌ |
غنیتَ وحدتهُ.. والخصبَ ما نُهِبَا |
لبنانُ قد کانَ شمسًا، أبْجَدِیَّتهُ |
قبلَ الحضاراتِ والعِلم ِ الذی کُتِبَا |
" قدموسُ " یروی سطورًا من روائِعِهِ |
المَجدُ دومًا للبنان العُلا انتسَبا |
فیهِ العمالقة ُ الأفذاذ ُ قد وُلدوا |
لبنانُ.. لبنانُ ضمَّ الفنَّ والأدَبا |
وبعلبکُّ المُنى آثارُها شهِدَتْ |
لِرَوعةِ الفنِّ.. فیها الشِّعرُ کم ندَبَا |
معابدُ الشَّمس ِ والأقمار ِ شاهدَة ٌ |
لها القرابینُ کانت تملؤُ النّصبَا |
"عشتارُ " للحُبِّ.. للإبداع ِ مُلهمَة ٌ |
نبعُ الشَّفاعةِ کانت تطرُدُ العَطبَا |
" جبرانُ " نبعُ السَّنا فکرًا وفلسفة ً |
شُعاعُهُ فی دیارِ الغرب ما غَرُبَا |
فی الشِّعرِ والرَّسم ِ والآدابِ مُؤتلِقٌ |
مِلءَ الزَّمَان ِ، رجال الفکرِ قد غلبَا |
" فیروزُ" صوتٌ مِنَ الفردَوس یُطربُنا |
وَنجمة ُ الشَّرق ِ والسِّحرُ الذی جَذبَا |
" صباحُ " شُحرورة ُ الودیان ِ رائِدَة ٌ |
فی الأوفِ ثمَّ العَتابَا تصنعُ العَجَبَا |
یا أیُّهَا القمرُ المَیْمُونُ طلعتهُ |
وفی سمَا الشُّوفِ فی لبنان ما وَقبَا |
صنعتَ مجدَکَ بالإبداع ِ تترعُهُ |
ینسابُ صوتک نخبًا.. لیسَ مُصطخبَا رسالة ُ |
الحبِّ للأکوان ِ تعلنهَا |
وکنتَ فی سَعیکَ المَنشُودِ مُقتضِبَا |
حَقَّقتَ آمالکَ الجَذلى على مَهَل ٍ |
وأخفقَ الغیرُ سَعْیًا سارَهُ خَبَبَا |
وَمُطربُ المُطربینَ..الکونُ رَدَّدَهَا .. |
عبدُ الوَهابُ لقد أعطى لکَ اللَّقبَا |
فی الفنِّ أنتَ أبو الکُلثوم ِ.. قد نعَتتْ |
کَ کوکبُ الشَّرق ِ..لا زلفى ولا کذبَا |
وأنتَ أسطورة ُ الأجیال ِ، رائِدُنا |
طریقکَ الوردُ، صَرح الفنِّ مَن نصَبَا |
صُنتَ التراثَ ومَا أبقى أوائلِنا |
بینَ الرُّکام ِ وبینَ الرَّدم ِ مَنْ نقبَا |
الکلُّ ینهجُ فنًّا لیِّنا ً سهلا ً |
وأنتَ تنهجُ فنًّا شائِکا ً صَعِبَا |
بالفنِّ نرقى إلى الأفلاکِ نسکُنُهَا |
نسدُّ کلَّ جدار ِ کانَ قد ثقِبَا |
یا روضة ً بشذا الإبداع ِ مُترَعَة ً |
تجلو الأُوامَ عن ِ الحوباءِ والسَّغَبَا |
السِّحرُ ضَمَّخَها والحُبُّ واکبَهَا |
یصبُو لها الصَّبُّ، یلقى کلَّ ما طلبَا |
الماءُ فیها نمیرٌ طابَ مَشربُهُ |
سَلسَالُهَا الشَّهدُ والتریاقُ.. ما نضَبَا |
یا صافیَ الصوتِ مَزهُوًّا بروعتِهِ |
کالکهرباءِ سَرَى..مع نبضنا حُسِبَا |
هذا الزَّمانُ الذی قد کنتَ رائِدَهُ |
یبکی لفقدِکَ مَذهُولا ً وَمُنتکبَا |
رثاکَ بعضٌ بقول ٍ جاءَ مُصطنعًا |
أمَّا أنا فنثرتُ الدُّرَّ مُنتخَبَا |
شعری هُوَ الدُّرُّ والیاقوتُ مُؤتلِقٌ |
یبقى المنارَ، قلوبَ الغیدِ کم جَلبَا |
وإنَّنی شاعرُ الأجیال ِ قاطبة ً |
بهرتُ فی شعریَ الأفذاذ َ والخُطبَا |
شعری لنصرةِ شعبی دائِمًا أبدًا |
یُذکی الإباءَ یُزیلُ الیأسَ والکرَبَا |
الحُبُّ عَمَّدَنی والنورُ واکبنی |
والموتُ قد فرَّ مَهزُومًا وَمُرتعِبَا |
یا نسمة ً من رُبَى لبنان دافئة ً |
أذکیتِ فیَّ الرُّؤَى والشَّوقَ والعَتبَا |
قلبی هناکَ وَروحی.. کلُّ أوردتی |
أهلی هُناکَ هُمُ التاریخُ.. قد وثبَا |
لُبنانُ وَحیی وإلهامی وأغنیتی |
لهُ الترانیمُ.. نزفُ القلبِ.. ما وَجَبَا |
لبنانُ... لبنانُ یا خمری وقافیتی |
ومَنبعُ السِّحر ِ مِنهُ الفنُّ قد شربَا |
یا قطعة ً من سَنا الفردوس فاتنة ً |
شابَ الزَّمانُ ویبقى غصنهُ رطبَا |
فیکَ الوَدیعُ منارُ الفنِّ سُؤدُدُهُ |
وَمطربُ الشِّرق للتقلیدِ قد شَجَبَا |
فی القلبِ تحیا أبا فادی، فأنتَ لنا ال |
مُعَلِّمَ الفذ َّ... تبقى للجمیع أبَا |
أنتَ العزاءُ لِمَحزون ٍ وَمُغتربٍ |
أنتَ الشِّفاءُ لقلبٍ کانَ مُضطربَا |
رمزُ الوداعةِ والطُّهر ِالذی شهدُوا |
وتنشدُ الحُبَّ..لا الأسیافَ والقضبَا |
أنتَ المُعلِّمُ والإنسانُ فی زمن ٍ |
الفنُّ صارَ رخیصًا، عندنا لعبَا |
قیثارَة ُ الخُلدِ، من أنغامِهِ سکرتْ |
کلُّ الدُّنى.. وانتشَى عُشَّاقهُ طرَبَا |
ویُسکرُ النفسَ صوتٌ رائعٌ عذبٌ |
فاقَ الخمورَ التی تستنزفُ الحببَا |
خَمائلُ الرُّوح ِ من إبداعِکَ ابتهَجَتْ |
مِنَّا أسرتَ النُّهَى والقلبَ والعَصَبَا |
ووصوتکَ العذبُ سلوانٌ لِمَن نکبُوا |
فیهِ العزاءُ یُزیلُ الهمَّ والوصَبَا |
أنتَ المَحَبَّة ُ دومًا رمزُ تضحیةٍ |
وتفرشُ القلبَ والوجدانَ والهُدُبَا |
سفیرُ شعبکَ للأکوان ِ قاطبة ً |
وَتنشُرُ الفنَّ والحُبَّ الذی احتجَبَا |
وَمِهرَجاناتُ أهل ِ الفنِّ فی بعلبکّ |
کنتَ رائِدَهَا... واکبتهَا حقبَا |
تاریخُکَ الفنُّ والإبدَاعُ.. مُأتلِقٌ |
بأحرفِ النور ِ.. لا بالتّبرِ قد کُتِبَا |
منارة ُ الفنِّ للأجیال ِ مدرسَة ٌ |
الکلُّ یرشُفُ منها الشَّهدَ والرُّطبَا |
البعضُ یسکبُ نزرًا.. ما بجُعبتِهِ |
وأنتَ... أنتَ سکبتَ التبرَ والذهبَا |
یا أرزة ً فی ثرَى لبنان صامِدة ً |
لم تحفل ِ الرِّیحَ والأهوالَ والنُّدبَا |
بعضُ الأساطین عن لبنانَ قد رحلوا |
لبنانُ فی القلبِ لم نشهَدکَ مُغتربَا |
لم تحفل الموت والأهوالَ فی وطن ٍ |
أنتَ الذی من سهام ِ الموتِ ما رَهبَا |
وأنتَ صوتٌ سماویٌّ فیُترعُنا |
بنفحةِ الخُلدِ... مَنْ أنوارُهُ وَهَبَا وتنشرُ |
الحُبَّ والآمالَ ساحرة ً |
فیکَ البراءَة ُ والحسُّ الذی التهَبَا |
محبَّة ُ الرَّبِّ فیکَ الکلُّ یشهدُها |
أبصرتُ فیکَ یسوعَ الحقِّ مَنْ صُلِبَا |
علمتنا أنتَ أنَّ الحُبَّ مُنتصِرٌ |
ویهزمُ الشَّرَّ والأهوالَ والرُّعُبَا |
کلُّ الکنائس ِ تبکی لیسَ یُوقفها |
شهدُ العزاء وَدُرُّ القول ِ ما کذبَا |
لجنَّةِ الخُلد ِ تمضی إنَّها وطنٌ |
رضوانُ هَیَّأهَا دارًا.. لکَ انتدَبَا |
فیها الملائکة ُ الأطهارُ تطربُهُمْ |
بصوتِکَ العذبِ..بالتسبیح ِ ما طُلِبا |
ومن مزامیر ِ داودِ النبیِّ ترا |
نیمٌ لربِّ العُلا.. تشدُو الذی رُغِبَا |
یا أیُّها الفذ ُّ والعُملاقُ فی زمن |
قد شَوَّهُوا الفجرَ، وجهُ الفنِّ قد شَحبَا بقیتَ |
فی قمَم ِ الإبداع ِ مُبتهجًا صُنتَ القدیمَ... |
وللتجدیدِ ما عذبَا |
طوبَى لأرض ٍ علیها کنتَ مُؤتلِقا |
تغدُو وترجعُ مَزهُوًّا وَمُنتصِبَا |
طوبَى لأرض ٍعلیهَا سرتَ مُنتشیًا |
تختالُ فوقَ رُباها باسمًا طربَا |
طوبَى لأرض ٍ علیها کلُّ مُؤتمَل ٍ |
ضَمَّت ضریحَکَ والأنوارَ والشُّهُبا |
طوبى لِروحِکَ أنوارٌ مُشَعشَعة ٌ |
فی جنَّةِ الخُلدِ تلقى الصَّحبَ والنُّجُبَا |